عبر التاريخ، اقترنت الكثير من الأسماء ببعضها البعض لدرجة أنه لم يعد يُذكر أحدها دون الآخر. على سبيل المثال نأخذ اسمي (لويس) و(كلارك) —استكشاف الأمريكيتين—، وهما اسمان اقترنا ببعضهما البعض عبر التاريخ وإلى الأبد كما لو كانا كياناً واحداً، غير أنهما في الحقيقة قد عاشا حياتين مختلفتين ومنفصلتين تماماً، هذا خارج نطاق «رحلة الاكتشاف» بالطبع التي تحمل اسميهما.
ارتبطت أسماء العديد من الشخصيات التاريخية ببعضها البعض، من المشاهير، والكتاب، ومؤدي العروض، والنقاد، والأزواج، وحتى المجرمين، هذا على الرغم من أن العلاقات التي كانت تربط هؤلاء كانت تُعتبر غريبة في بعض الحالات، سواء بمعيار الزمن الذي عاشت فيه هذه الشخصيات، أو خلال العصور اللاحقة.
كان الجميع ينظر إلى أول رئيس للولايات المتحدة ونائبه على أنهما ثنائي غريب وتوليفة غير متوافقة آنذاك، فقد كان الأول أمريكيا أصولياً من ولاية (نيو إنغلند)، قصير القامة، وممتلئ الجسم وعلى خبرة واسعة بالسياسة، بينما كان الثاني طويلا وأنيقاً من ولاية (فيرجينيا) وبطل حرب بعيداً كل البعد عن أغوار السياسة.
لم يكن أفراد كل الثنائيات الغريبة التي عرفها التاريخ على صلة شخصية ببعضهم البعض، مع أنهم كانوا قد ارتبطوا ببعضهم البعض من خلال بعض الأحداث التاريخية التي جعلت دروبهم تتقاطع في نقطة ما من حياتهم، غير أن هذا لا ينفي في نفس الوقت ارتباط بعضهم ببعض في علاقات شخصية، أو سياسية، أو مهنية.
في مقالنا هذا على موقعنا «دخلك بتعرف»، جمعنا لك عزيزي القارئ بعضاً من أغرب الثنائيات التي جمع بينها التاريخ، من مؤلفين، ومخترعين، وأقرباء، ومؤدي عروض، وسياسيين شكلوا في زمن ما مادة دسمة ليتغذى عليها الإعلام العالمي في أشكاله المتنوعة آنذاك:
1. الملك هينري الثامن وآن أوف كليفز:
(آن أوف كليفنز)
كان الملك (هينري) الثامن متزوجاً من ثلاثة نساء قبل أن تقع عيناه على (آن أوف كليفز)، التي كانت لتصبح زوجته الرابعة –تقنياً لم يتزوج (هينري) سوى ثلاثة مرات في حياته ذلك أن ثلاثة من زيجاته اعتبرت "لاغية"، وهو مصطلح قانوني آنذاك ينفي وقوع الزواج من أصله–. كانت إحدى زيجاته اللاغية لـ(آن)، التي لم تقع عينا الملك عليها إلا قبل وقت قصير من يوم زفافهما.
في تلك الحقبة الزمنية، كان الزواج ضرورة سياسية ودبلوماسية أكثر منه علاقة شخصية بين فردين، وعلى الرغم من أن الملك (هينري) لم ينبهر بأي من معالم زوجته الجديدة فقد ارتبط بها على كل حال. وفقاً لكلا الطرفين، لم يكتمل هذا الزواج بالجماع أبداً، واعتبر لاغياً بعد ستة أشهر من وقوعه فقط.
على عكس ما تقوله الشائعات والقصص التي حامت حول هذه النقطة، فلم يأمر الملك (هينري) بإعدام خادمه الذي دبّر لهذه الزيجة، كما تحوم الشكوك حول ما إذا كان قد قال بالفعل: "الآن أصبحت لا تعجبني أكثر" ليلة زفافهما.
بعد إلغاء الزواج، بقيت (آن) فرداً من بلاط (هينري الثامن)، وقد عاشت في الواقع أكثر من جميع زوجاته الأخريات، وكان الملك يعاملها كما لو كانت صديقة مقربة وموثوقة. كان زواجهما هو الأقصر عمراً من بين جميع زيجات الملك، لكنها كانت الزوجة السابقة التي عاشت لأطول فترة من بينهن جميعاً، وربما جعلها هذا تصبح أكثر زوجاته السابقات ثقة، بغض النظر عن مدة زواجهما القصيرة.
2. لويس السادس عشر وماري أنتوانيت:
لحظة اعتقال الملك والملكة بتهمة الخيانة من طرف الثوار في (فاران) سنة 1791.
يذكر التاريخ (ماري أنتوانيت) ملكة فرنسا وشقيقة إمبراطور النمسا، على أنها تمثل قمة إهمال ولامبالاة الطبقة الأرستقراطية الحاكمة تجاه معاناة شعبها من الفقراء والمساكين والجياع. التاريخ غير منصف في هذه الحالة، حيث أن (ماري أنتوانيت) كانت في الواقع قد كرست جهدها ووقتها للتخفيف من وطأة الفقر والجوع على شعبها الفرنسي، سواء في المدن أو في المناطق الريفية، غير أنها في نفس الوقت لم تكن تحرم نفسها من الرفاهية والترف الذي تضمن الإغداق على جميع من ارتبطت بهم في علاقاتها الكثيرة خارج إطار الزوجية، وبالطبع كان ذلك على نفقة طبقة الفلاحين وخزينة الشعب الفرنسي.
في الجهة المقابلة، كان زوجها الملك (لويس السادس عشر) رجلا يحب الأشغال اليدوية كثيراً، لدرجة أنه كان يعمل في ورشة الحدادة خاصته التي أمر بتجهيزها فوق القاعة الفاخرة التي كانت زوجته (ماري أنتوانيت) تستضيف فيها ضيوفها من الطبقة النبيلة في حفلاتها وأمسياتها المترفة.
لقد كان هذان الزوجان متفانين تجاه بعضهما البعض، وهو ما يظهره عدد الأبناء الذين رزقا بهم، وعلى الرغم من أن خطة (ماري) اليائسة في إنقاذ الحكم الملكي الفرنسي من الثورة هي ما أوقع بالملك وقاده إلى الإعدام في نهاية المطاف، ذلك أنها هي من حملته على الهروب من فرنسا مما قاد إلى اعتقاله، وفي نهاية المطاف، بعد عدة أشهر اعتقالها هي الأخرى.
3. بوني باركر وكلايد بارو:
(بوني وكلايد)
كانت (بوني باركر) امرأة متزوجة، وكانت ترتدي خاتم زواجها عندما توفيت إلى جانب (كلايد بارو) في تبادل لإطلاق النار مع رجال الشرطة.
اشتهر الثنائي في العالم باسم (بوني وكلايد)، وسرعان ما أصبحا أسطورة شعبية، حيث راحت وسائل الإعلام تساهم في زيادة شهرتهما.
كانت (بوني) متزوجة لرجل يدعى (روي ثورنتون) الذي كان مسجوناً ساعة موتها، كما لم تكن قد خرقت القانون من قبل في حياتها قبل أن تلتقي بـ(كلايد بورو).
كانت (بوني) متزوجة لرجل يدعى (روي ثورنتون) الذي كان مسجوناً ساعة موتها، كما لم تكن قد خرقت القانون من قبل في حياتها قبل أن تلتقي بـ(كلايد بورو).
بينما كان (بورو) صاحب سجل إجرامي حافل، وكان قد قام في إحدى المرات ببتر أصابع قدمه لا لشيء إلا لتجنب الأعمال الشاقة في السجن. اشتهر هذا الثنائي من خلال موجة القتل والسطو على المصارف التي قاما بها أثناء فترة الكساد العظيم الذي عاشته الولايات المتحدة، ومع ذلك لم يتوان البعض من وصفهما على أنهما مثل شخصية (روبين هود)، حيث كانا يسرقان من الأغنياء فقط. في الواقع لم يكونا سوى مجرمين قاتلين.
كتب الكثير من المؤرخين المهتمين بقصة حياة (بوني) عن حبها لـ(كلايد بورو)، على الرغم من أنها كانت ترتدي خاتم زواجها حين موتها مثلما أشرنا إليه سابقاً، غير أنها توفيت إلى جانب (كلايد) وارتبط اسمها به إلى الأبد. في الواقع، يعتقد الكثير من كتاب السير الذاتية آنذاك أنه كان عاجزاً جنسياً، مما يزيد من تعقيد العلاقة التي تربطهما تعقيداً ويجعلها عسيرة الفهم أكثر فأكثر.
4. جون آدامز وتوماس جيفرسون:
(جون آدامز).
من بين جميع الآباء المؤسسين للولايات المتحدة الأمريكية، يشار إلى (جون آدامز) و(توماس جيفرسون) على أنهما القوة الدافعة التي عجّلت بإعلان الاستقلال عن بريطانيا في سنة 1776. كان (آدامز) واحدا من أوائل الداعين للانفصال التام عن بريطانيا العظمى ومن أشد مناصري هذا الاتجاه، بينما كان (جيفرسون) هو من دون التاريخ بواسطة ريشته للأجيال اللاحقة مرسخاً تلك اللحظة المهمة من تاريخ الولايات المتحدة.
عندما كانا حليفين مقرّبين، طاف كل من (آدامز) و(جيفرسون) الكثير من المواقع المهمة في بريطانيا العظمى، فزارا على سبيل المثال منزل المؤلف الشهير (ويليام شايكسبير)، الذي كان الاثنان معجباً بأعماله.
كان (آدامز) رجلاً ذا ذوق بسيط، بينما كان (جيفرسون) في الجهة المقابلة يحب الطبخ الفرنسي، والنبيذ الإيطالي، والمسرح. كان (آدامز) مخلصاً للكتاب المقدس الذي دائما ما كان يقرأه، بينما أنشأ (جيفرسون) مراجعته الخاصة من العهد الجديد. في نهاية المطاف وقع الشقاق بين الاثنين على الرغم من أنهما تصالحا في قادم السنوات على كلا الصعيدين الشخصي والسياسي عبر العديد من المراسلات التي تبقى ليومنا هذا من أكثر المصادر التاريخية المفصّلة في أمريكا.
5. جايمس بوشانين وويليام كينغ:
كان (أندرو جاكسون) يسخر من علاقة (جايمس بوشانين) و(ويليام كينغ).
كان (جايمس بوشانين) محاميا أمريكياً وسياسياً لامعاً في فترة ما قبل الحرب الأهلية التي مزقت الولايات المتحدة الأمريكية. بينما اتجهت الولايات المتحدة تدريجيا نحو الشقاق والانقسام حول إشكالية العبودية، ذاع صيت (بوشانين) بين صفوف الحزب الديمقراطي، في نهاية المطاف أصبح مرشح الحزب لرئاسة الجمهورية في انتخابات سنة 1856.
فاز (بوشانين) في تلك الانتخابات على الرغم من أنه كان أعزباً وعلى الرغم من الشائعات التي كانت تحوم حول علاقة حميمية كانت تربطه بـ(ويليام روفوس كينغ). كانت الشائعات حول علاقة هذا الثنائي تحوم في العاصمة واشنطن لمدة ثلاثة عقود تقريباً قبل أن يعتلي (بوشانين) سدة الحكم.
شائعات:
تشارك (بوشانن) و(كينغ) نفس الغرفة في فندق لمدة عقد من الزمن، من سنة 1834 إلى غاية سنة 1844، هذا على الرغم من أن ذلك لم يكن أمراً غير مألوف بين معشر العزاب آنذاك.
دون ذلك، كان (آندرو جاكسون) الرئيس الأمريكي الأسبق يشير إلى هذا الثنائي على أنهما: "العمة (فانسي) —معنى (فانسي) هنا هو محب البهرجة ولفت الانتباه— والآنسة (نانسي)"، ذلك أن الاثنين كانا مع بعضهما البعض دائماً في الأحداث الاجتماعية والحفلات. أشار سياسي بارز آنذاك، وهو (آرون براون)، إلى (كينغ) على أنه "النصف الثاني" لـ(بوشانين)، في مراسلات علنية وخاصة.
زادت الشائعات في السنوات الأخيرة من الحياة السياسية لـ(بوشانين)، فقد قادت علاقته بـ(كينغ) وكذا عزوفه عن الزواج —لقد جعل من ابنة شقيقه السيدة الأولى في البيت الأبيض عندما أصبح رئيساً— إلى اعتبار هذا الثنائي أغرب الثنائيات في واشنطن العاصمة إلى غاية وفاة (كينغ) سنة 1853.
6. فرانكلين روزفلت ووينستن تشيرشيل:
فرانكلين روزفلت في وسط الجالسين وعلى يساره مباشرة وينستن تشيرشل في مؤتمر (كيبيك) سنة 1943.
كان (فرانكلين روزفلت) مصلحاً اجتماعياً يؤمن بضرورة التدخل الحكومي في الحياة الاجتماعية والمجتمع، فهو يعتبر مؤسس ما يسمى بـ"الصفقة الجديدة" التي هي عبارة عن برامج اقتصادية جديدة للنهوض بالاقتصاد والمجتمع الأمريكي، وكذا الضمان الاجتماعي، والإعانات الحكومية للفلاحين والمزارعين، والحقوق المدنية لجميع أفراد المجتمع. بينما كان (تشيرشيل) إمبريالياً، وداعما مدى الحياة للإمبراطورية البريطانية. بتعاونهما مع بعضهما البعض، أصبح هذا الثنائي صخرة الدفاع التي حمت الغرب من نازية هيتلر، والغزو الياباني في المحيط الهادي، هذا على الرغم من أن دوافعهما كانت مختلفة تماماً.
فوق كل شيء، سعى (تشيرشيل) إلى الدفاع عن الإمبراطورية البريطانية وحمايتها والحفاظ عليها، وهو الأمر الذي مثل نقطة محورية في حياته كلها. بينما كان (روزفيلت) عازماً على منع النازية والشيوعية من غزو القارتين الأمريكيتين، وكذا السهر على هزيمة الإمبريالية اليابانية.
تمكنت علاقتهما الغريبة من هزيمة اليابان والنازية الألمانية، لكنها قادت إلى نهاية الإمبراطورية البريطانية وبروز الاتحاد السوفييتي كقوة عظمى في المرحلة التي تلت الحرب العالمية الثانية.
كان (تشيرشيل) و(روزفيلت) من الثنائيات الغريبة جداً، اللذين أخذت الامبراطورية البريطانية تتلاشى تدريجيا عبر فترة تطور علاقتهما الشخصية، وعوضها في منصب "شرطي العالم" الولايات المتحدة الأمريكية.
7. ألفريد هيتشكوك وآلما ريفيل:
من الطبيعي الإشارة إلى (ألفريد هيتشكوك) على أنه شخصية غريبة، وذلك ببساطة بناءً على عدة من سلوكات الرجل الغريبة جداً. كان (هيتشكوك) يستمتع بإلقاء الدعابات والنكت عندما يستقل المصاعد في المباني على سبيل المثال، على الرغم من أنه في بعض الأحيان كان يخبر قصصاً "مجازفاً فيها" بعض الشيء حول بعض الشخصيات المهمة، أو بعض الممثلين والممثلات الذين عمل معهم. كان (هيتشكوك) يضبط توقيت إخباره للقصة بحيث يُفتح باب المصعد ليغادره قبل أن يتمكن من إتمام القصة، أو الإفصاح عن الغموض فيها، أو الجزء المثير حيالها، أو اسم الشخصية المشهورة التي تناولتها، فيترك خلفه مجموعة من المستمعين الفضوليين الحائرين. كان (هيتشكوك) رجلا مغروراً يحب لفت الانتباه (فقد كان يسهر على ظهوره في جميع أفلامه)، كما كان إقناعه بأنه على خطأ في أي أمر ما شبه مستحيل.
كانت زوجته (آلما ريفيل) مساعدته وشريكته، سواء في المنزل أو في العمل. على الرغم من أنها نالت الفضل في المساعدة على تحرير سيناريوهات الكثير من أفلامه، فإنها كانت تقريباً غير معروفة طوال مسيرة زوجها المهنية الحافلة. لقد كانت تفضل البقاء بعيدا عن الأضواء بينما كان هو ليدفع الغالي والنفيس في سبيل الحصول على كل الأضواء في العالم. لقد عملت كثيراً لتحسين ما كان يجب أن يطلق عليه اسم "أفلامهما" وليس أفلامه وحده.
يجعل منها انغلاقها ومقتها للشهرة وانفتاحه وعشقه للأضواء من أغرب الثنائيات والأزواج في التاريخ، ناهيك عن كون تعاونهما في عملهما المشترك يبقى واحدا من الأمور الفريدة التي عرفتها هوليوود.
8. الكونت دي ساد وريني بيلاجي كورديي:
اشتهر (دوناسيان ألفونس فرونسوا) بلقبه الذي ورثه عن أسلافه وهو الكونت (دي ساد)، هذا على الرغم من أن أسلافه اعتمدوا لقب (ماركيز) بدل ذلك منذ زمن ميلاده سنة 1740. كان (دي ساد) كاتبا وفيلسوفاً، كما كان سياسيا ناشطاً، وساهم فسقه الأدبي والسلوكي في جعل اسمه يقترن بمجموعة من السلوكات الجنسية الغريبة وهي "السادية". لقد كان (دي ساد) ينقل معتقداته التي كان يعبر عنها في أعماله الأدبية إلى حياته الخاصة، وقد كانت زوجته (ريني بيلاجي كورديي) —إلى جانب والدتها وشقيقتها— هي من يوفر له بائعات الهوى، وبعد ذلك نساء شابات وفتيات يافعات أخريات ليشبع فيهن غريزته السادية.
حياة غير أخلاقية:
عاش (دي ساد) حياة فسق لاأخلاقي لم يسبق له مثيل، وهو الأمر الذي ساعدته عليه زوجته وشقيقتها ووالدتها، والعديد من النساء الأخريات اللواتي التقى بهن بين فترات سجنه في السجون الفرنسية وأقبيتها. في نهاية المطاف اعتُبر (دي ساد) رجلا مختلاً ومجنوناً. في إحدى المرات في سبعينيات القرن الثامن عشر، احتجز ستة أطفال صغار في قبو قصره، وذلك كله بعلم ودعم من زوجته.
بينما كان يقبع في السجون الفرنسية، كانت ريشته تنضح بأشهر أعماله الأدبية ومسرحياته التي ألفها، والتي سيبقى معظمها أشهر المؤلفات الأدبية آنذاك على مر مائتي سنة بعد وفاته. توفيت زوجته (ريني) في سنة 1810، والتحق بها هو الآخر بعد أربعة سنوات.
يبقى مجهولاً عدد الجرائم التي اقترفها هذان الزوجان، والتي تضمنت على سبيل المثال الاغتصاب والتعذيب والاختطاف وممارسة الفعل المخل بالحياء على القصر والأطفال، والكثير غيرها.
9. الأخوان رايت:
من اليسار إلى اليمين: (ويلبير)، طائرة (ذا رايت)، و(أورفيل) شقيقه، في (كيتي هاوك) في كارولاينا الشمالية سنة 1901.
كان الشقيقان (رايت)، وهما (ويليام) و(أورفيل)، ثنائياً من أغرب الثنائيات على الكثير من الأصعدة. كان (ويلبر) هو الشقيق الأكبر، حيث كان يكبر أخاه بأربعة سنوات. لقد ولدا لأسقف بروتستانتي سمى كليهما تيمنا برجلي دين محليين كانا يحظيان باحترامه [والدهما]. عندما كانا طفلين صغيرين، كان الأخوان (رايت) يعشقان اللعب بالطائرات الورقية والدراجات.
لم يتخرج أي منهما من المدرسة الثانوية، هذا على الرغم من أن كليهما ارتادها لبعض الوقت. لم يتزوج أي منهما أيضاً، كما لم يُشهد لهما بأن أخذا الأمر بجدية قط في حياتهما. بعد أن وصلا إلى الشهرة والثراء من خلال نجاحهما المبهر في عالم الطيران، قاما بتشييد منزل ضخم ومثير للاهتمام في (دايتون) بولاية (أوهايو)، حيث خططا للعيش معاً إلى جانب شقيقتهما (كاثرين).
توفي (ويلبور) بعد إصابته بالتيفوئيد قبل أن يكتمل إنجاز المنزل العائلي، الذي أطلقا عليه اسم (هاوثورن هيل) والذي مازال منتصبا إلى يومنا هذا، فعاش (أورفيل) وشقيقته (كاثرين) في المنزل إلى غاية سنة 1926 حين تزوجت (كاثرين)، وهو الأمر الذي تسبب في ثورة ثائرة شقيقها الذي اعتبر الأمر خيانة له وتخلياً عنه.
رفض بعد ذلك زيارة شقيقته أو استقبالها إلى حين وقت وجيز قبل وفاتها سنة 1929. عاش (أورفيل رايت)، الرجل الذي طار بأول طائرة ذات محرك، عمراً طويلاً ليشهد عصر ميلاد الطيران الخارق لجدار الصوت قبل أن تتوفاه المنية سنة 1948. دُفن الشقيقان إلى جانب بعضهما البعض في مقبرة (وودلاون) في (دايتون) بولاية (أوهايو).
10. مارك تواين ونيكولا تيسلا:
اشتهر (سامويل كليمنس) باسمه الأدبي (مارك تواين)، وقد عُرف عنه اهتمامه الكبير بالتكنولوجيا والعلوم منذ حداثة سنّه. في الجهة الأخرى، نجى (نيكولا تيسلا) من مرض كاد يقضي على حياته عندما كان طفلاً، وكان يقضي معظم وقته في قراءة الكتب التي يؤلفها (مارك تواين).
التقى هذان الرجلان أول مرة في تسعينات القرن التاسع عشر فأصبح (تواين) ضيفاً دائماً يحل على مخابر (نيكولا تيسلا) الغريبة في مدينة نيويورك. كان اهتمام (تواين) الأولي هو الاستثمار في اختراعات (تيسلا)، وهو الأمر الذي تسبب له في خسارة معتبرة. على الرغم من الخسارة المادية التي جلبها عليه تقربه من (نيكولا تيسلا)، فإن (تواين) بقي من أكبر المعجبين بهذا العالم والاختراعات والآلات التي كان ينتجها.
لم يكن (تواين) من المؤلفين الذي يكتبون عن الخيال العلمي، كما لم يكن من مؤلفي الروايات العلمية، على الرغم من أنه ألف في إحدى المرات رواية تضمنت فكرة السفر عبر الزمن والعودة به إلى الوراء بعنوان: "أمريكي من (كونيكتيكوت) في بلاط الملك (آرثر)". بقي الرجلان صديقين لمدة طويلة من الزمن، على الرغم من أن سمعة (تيسلا) تشوهت بفعل حالة الفقر المادي التي خيمت عليه، فراح يترك خلفه أكواماً من الفواتير العالقة وغير المدفوعة حيثما حلّ في الفنادق التي كان يقيم بها إلى أن طرد من الكثير منها. قام بعض المحسنين المجهولين بتغطية نفقاته ودفع فواتيره العالقة، ويرجح الكثيرون أن (تواين) كان واحداً من هؤلاء، وبقي الثنائي صديقين إلى غاية وفاة (تواين).
11. والت ديزني وباميلا ليندون ترافيرس:
(باميلا ليندون ترافيرس)
عندما وعد (والت ديزني) طفلتيه الصغيرتين بأنه سيجعل من شخصيتهما المفضلة: (ماري بوبينز) من تأليف (باميلا ترافيرس)، في فيلم، أوكل إلى نفسه مشروعاً سيستغرقه عقدين من الزمن ليكتمل أخيراً. عارضت مؤلفة الشخصية الشهيرة السابقة وهي المؤلفة (باميلا ليندون ترافيرس) بشدة نسخة (ديزني) عن كتبها، ومن جهة أخرى كانت معاملة (ديزني) للمؤلفة قاسية وبليدة في كثير من جوانبها، وهو الأمر الذي يتفق عليه الكثيرون.
قالت (ترافيرس) لاحقاً حول نسخة (ديزني) عن شخصية (ماري بوبينز): "لقد تعلمت التعايش مع الأمر.."، وهو ما يدل على مقتها الواضح للتمثيل السينمائي "الرديء" لبطلة روايتها الذي كانت ترى فيه تقصيراً واختزالاً لها.
على الرغم من خلافاتهما وصراعاتهما، فقد أنتج هذا الثنائي الفيلم الكلاسيكي الشهير في سنة 1964، غير أن إنتاج نسخ أخرى عن الفيلم استغرق سنوات طويلة، والسبب في ذلك يعود إلى استمرار (ترافيرس) في معارضتها للمشروع. في وصيتها، كتبت (باميلا ترافيرس) بالتحديد ما يجب القيام به فيما يتعلق بأعمالها وما يجب الامتناع عنه، خاصة عندما يتعلق الأمر بتحويل رواياتها إلى أعمال سنمائية في المستقبل، وعلى وجه الخصوص قامت بإقصاء الإخوة (شيرمان)، الذين قاموا بتأليف أغاني وموسيقى الفيلم لصالح شركة (ديزني)، من إنتاج أية موسيقى أو أغاني سترتبط مستقبلاً بأعمالها الأدبية.
على الرغم من علاقتهما الغريبة والعدائية، فقد أنتج هذا الثنائي للعالم واحداً من أفضل أفلام الأطفال في ستينيات القرن الماضي، وهو الفيلم الذي بقي صامدا في وجه الزمن لنصف قرن لاحقاً، بعد زمن طويل من وفاة صانعيه (والت ديزني) و(باميلا ترافيرس).
12. ألبيرت آينشتاين وميليفا ماريتش:
رسخت في أذهان الجميع صورة (ألبيرت آينشتاين) على أنه تلك الشخصية النابغة، ذات الملابس الغريبة، والشعر غير المهذب، والأحذية البالية، وتلك النظرة العميقة الحالمة، غير أن ما لا يعلمه الكثيرون هو أن العيش مع هذا العالم الكبير كان أصعب من مجرد التعامل مع عقل دائم الانشغال بخبايا وأسرار الكون.
كانت لـ(ألبيرت) أفكار مسطرة ومحددة جدا حول واجباته تجاه زوجته وواجباتها تجاهه، وهو الأمر الذي قام بتوضيحه لها في الكثير من المرات عببر مراسلاتهما. على الرغم من أن الكثير من رسائل هذا العالم إلى زوجته (ميليفا) كانت رسائل حب تشارك فيها بوضوح مستجدات ما كان يطلقه عليه اسم "عملنا"، فإنه كان غالبا ما يعطيها تعليمات محددة حول واجباتها وسلوكاتها.
تغيرت هذه العلاقة كثيراً بعد أن دخل (آينشتاين) في علاقة حب مع قريبته (إلسا) في سنة 1912. تسببت العلاقة الغرامية خارج إطار الزوجية وكذا الانفصال لمدة طويلة إلى جانب أحداث أخرى، في إنهاء ما كان في يوم من الأيام زواجا سعيداً بين (آينشتاين) و(ميليفا).
عندما عارضت (ميليفا) أحد البنود التي وضعها (آينشتاين) فيما يتعلق بأموال جائزة (نوبل) خاصته والتصرف فيها، كانت إجابته في رسالة كتب فيها: "عندما يكون شخص ما غير مهم تماماً، فلا يوجد ما يمكن قوله له".
تعاونت (ميلينا) مع (ألبيرت آينشتاين) في معظم أعماله المنجزة وأكثرها أهمية كعالمة فيزيائية، غير أنها لسوء حظها تجاهل التاريخ هذا الجزء من حياتها، وشهرتها وسمعتها آخذة في الانحسار عندما يتعلق الأمر بما يعرفه عامة الناس عنها إلى يومنا هذا.
المصدر:
• موقع History Collection
• موقع History Collection
0 تعليقات